بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة ، مع درس جديد من دروس سنن الله في القرآن الكريم ، والقانون اليوم قانون الرزق .
الرزق مِن عند الله :
بادئ ذي بدء : الإنسان حريص حرص لا حدود له على حياته ، وعلى رزقه ، فلذلك هذا الرزق له قوانين ، هذا الرزق من عند الله .
﴿ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ .
( سورة النور ) .
قوانين الرزق :
ولكن لهذا الرزق قوانين ، من هذه القوانين :
1 – الاستقامة :
﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ .
( سورة الجن ) .
والماء رمز الرزق :
﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ .
إذاً : الاستقامة أحد أسباب الرزق الوفير ، فمن أراد أن يزيد في رزقه فليستقم على أمر الله ، الآية الواضحة والعامة والرائعة هي قوله تعالى :
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .
( سورة الطلاق ) .
﴿ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ ، أن يستقيموا على أمره ، فأيُّ إنسان أراد أن يكون في بحبوحة فليستقم على أمر الله استقامة ترضي الله عز وجل ، لا بحسب فهمك ، لكن بحسب حدود الاستقامة في الشرع ، وهناك أناس كثيرون يتوهمون أنهم مستقيمون ، وهم ليسوا كذلك ، فكلما ازددت علماً ازدادت معرفتك بالثغرات في استقامتك .
2 – الإيمان والتقوى :
أيها الإخوة الكرام ، قانون آخر :
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِوَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ .
( سورة الأعراف ) .
إذاً : الإيمان بالله ، والاستقامة على أمره أيضاً أحد أسباب الرزق الوفير ، وكل إنسان أودع الله فيه حب المال ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 14 ) .
كل شهوة لها قناة نظيفة تسري من خلالها :
النقطة الدقيقة : أنه ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فإذا أحب الإنسان المال بحسب فطرته فهذا الحب يمكن أن يروى بقناة نظيفة ، أحب المال فيعمل في عمل مشروع فيأتيه كسب وفير يتمتع به ، ويكشر الله عليه .
لذلك هذه الشهوات التي أودعها الله فينا ما أودعها فينا إلا كي نرقى إلى رب الأرض والسماوات ، نرقى بها مرة صابرين ، ومرة شاكرين ، أية شهوة أودعها الله في الإنسان إذا ترك الجانب المحرم منها ، وأخذ الجانب الحلال يرقى مرتين ، يرقى بترك الجانب المحرم إلى الله صابراً ، ويرقى بأخذ الجانب الحلال شاكراً إلى الله عز وجل .
هل المال نعمة أم نقمة ؟
أيها الإخوة ، ما منا واحد على الإطلاق إلا ويتمنى الرزق الوفير ، والمال من نعم الله الكبرى ، ولكن لا بد من هذا التنويه :
المال هل هو نعمة ؟ قلت قبل قليل : من نعم الله الكبرى ، الإجابة الدقيقة ليس : نعمة ، وليس نقمة ، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه ، فإن اكتسب الإنسان المال من وجه مشروع ، وأنفقه في وجه مشروع فهو أكبر نعمة على الإطلاق ، إن المال قوام الحياة ، ولا بد من التنويه أن المال قوة كبيرة في الحياة ، لذلك يجب على كل مسلم أن يكون مكتفياً ، وإن أمكن أن يكون غنياً ، لماذا ؟ لأن خياراته في العمل الصالح تغدو كثيرة جداً ، ولأن علة وجودك في الأرض هو العمل الصالح ، ولأن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على تقصيره بالعمل الصالح ، كلما كنت قوياً أكثر كانت خياراتك في العمل الصالح أكثر .
المؤمن الغني له من طرق العمل الصالح ما ليس للمؤمن الفقير :
الآن الإنسان الميسور يمكن أن يزوج شبابا ، أن يفتح بيوت ، أن يرعى أرامل ، أن يرعى أيتاما ، أن يوفر فرص عمل ، فالإنسان كلما كان أقوى كانت خياراته في الأعمال الصالحة أوسع .
فلذلك ينبغي أن تكون قوياً من ناحية المال مثلاً ، لكن قد يكون طريق القوة المالية محفوفا بالمخاطر ، وفي بعض الأقوال اللطيفة : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة .
قد يأخذ إنسان أموال الناس ، ويغامر بها فيقع تحت ديون طائلة يسحق ، نقول لمثل هذا الإنسان : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة ، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً إنسان لأن فرص عمل الصالح للأغنياء لا تعد ولا تحصى .
والله أيها الإخوة ، لا يُغبط إلا غني مؤمن ، بإمكانه بماله أن يصل إلى أعلى درجات الجنة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
(( لا حَسَدَ إِلاّ في اثْنَتَيْنِ : وَرَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَآنَاءَالنّهَارِ رَجلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُ منهُ آنَاءَ اللّيْلِ وآنَاءَ النّهَارِ )) .
[ متفق عليه ] .
بالمال تملأ قلوب الناس فرحاً ، بالمال تطعم الجائعين ، تكسو العراة ، بالمال ترأب الصدع ، توفق بين الناس ، بالمال تزوج الشباب ، بالمال تسعى بتزويج الفتيات ، والأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى ، بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، دقق في أن علة وجودك في الأرض العمل الصالح ، والعمل الصالح قد يحتاج إلى المال .
إذاً أول قانون : ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾
إذاً : الاستقامة أحد أسباب الرزق الوفير ، فمن أراد أن يزيد في رزقه فليستقم على أمر الله ، الآية الواضحة والعامة والرائعة هي قوله تعالى :
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .
( سورة الطلاق ) .
﴿ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ ، أن يستقيموا على أمره ، فأيُّ إنسان أراد أن يكون في بحبوحة فليستقم على أمر الله استقامة ترضي الله عز وجل ، لا بحسب فهمك ، لكن بحسب حدود الاستقامة في الشرع ، وهناك أناس كثيرون يتوهمون أنهم مستقيمون ، وهم ليسوا كذلك ، فكلما ازددت علماً ازدادت معرفتك بالثغرات في استقامتك .
2 – الإيمان والتقوى :
أيها الإخوة الكرام ، قانون آخر :
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِوَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ .
( سورة الأعراف ) .
إذاً : الإيمان بالله ، والاستقامة على أمره أيضاً أحد أسباب الرزق الوفير ، وكل إنسان أودع الله فيه حب المال ، قال تعالى :
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 14 ) .
كل شهوة لها قناة نظيفة تسري من خلالها :
النقطة الدقيقة : أنه ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فإذا أحب الإنسان المال بحسب فطرته فهذا الحب يمكن أن يروى بقناة نظيفة ، أحب المال فيعمل في عمل مشروع فيأتيه كسب وفير يتمتع به ، ويكشر الله عليه .
لذلك هذه الشهوات التي أودعها الله فينا ما أودعها فينا إلا كي نرقى إلى رب الأرض والسماوات ، نرقى بها مرة صابرين ، ومرة شاكرين ، أية شهوة أودعها الله في الإنسان إذا ترك الجانب المحرم منها ، وأخذ الجانب الحلال يرقى مرتين ، يرقى بترك الجانب المحرم إلى الله صابراً ، ويرقى بأخذ الجانب الحلال شاكراً إلى الله عز وجل .
هل المال نعمة أم نقمة ؟
أيها الإخوة ، ما منا واحد على الإطلاق إلا ويتمنى الرزق الوفير ، والمال من نعم الله الكبرى ، ولكن لا بد من هذا التنويه :
المال هل هو نعمة ؟ قلت قبل قليل : من نعم الله الكبرى ، الإجابة الدقيقة ليس : نعمة ، وليس نقمة ، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه ، فإن اكتسب الإنسان المال من وجه مشروع ، وأنفقه في وجه مشروع فهو أكبر نعمة على الإطلاق ، إن المال قوام الحياة ، ولا بد من التنويه أن المال قوة كبيرة في الحياة ، لذلك يجب على كل مسلم أن يكون مكتفياً ، وإن أمكن أن يكون غنياً ، لماذا ؟ لأن خياراته في العمل الصالح تغدو كثيرة جداً ، ولأن علة وجودك في الأرض هو العمل الصالح ، ولأن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على تقصيره بالعمل الصالح ، كلما كنت قوياً أكثر كانت خياراتك في العمل الصالح أكثر .
المؤمن الغني له من طرق العمل الصالح ما ليس للمؤمن الفقير :
الآن الإنسان الميسور يمكن أن يزوج شبابا ، أن يفتح بيوت ، أن يرعى أرامل ، أن يرعى أيتاما ، أن يوفر فرص عمل ، فالإنسان كلما كان أقوى كانت خياراته في الأعمال الصالحة أوسع .
فلذلك ينبغي أن تكون قوياً من ناحية المال مثلاً ، لكن قد يكون طريق القوة المالية محفوفا بالمخاطر ، وفي بعض الأقوال اللطيفة : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة .
قد يأخذ إنسان أموال الناس ، ويغامر بها فيقع تحت ديون طائلة يسحق ، نقول لمثل هذا الإنسان : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة ، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً إنسان لأن فرص عمل الصالح للأغنياء لا تعد ولا تحصى .
والله أيها الإخوة ، لا يُغبط إلا غني مؤمن ، بإمكانه بماله أن يصل إلى أعلى درجات الجنة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
(( لا حَسَدَ إِلاّ في اثْنَتَيْنِ : وَرَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَآنَاءَالنّهَارِ رَجلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُ منهُ آنَاءَ اللّيْلِ وآنَاءَ النّهَارِ )) .
[ متفق عليه ] .
بالمال تملأ قلوب الناس فرحاً ، بالمال تطعم الجائعين ، تكسو العراة ، بالمال ترأب الصدع ، توفق بين الناس ، بالمال تزوج الشباب ، بالمال تسعى بتزويج الفتيات ، والأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى ، بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، دقق في أن علة وجودك في الأرض العمل الصالح ، والعمل الصالح قد يحتاج إلى المال .
إذاً أول قانون : ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾
القانون الثاني : ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءوَالأَرْضِ ﴾ .
3 – الاستغفار :
الآن : أحد أسباب وفرة الرزق الاستغفار ، طالبوني بالدليل ، قال تعالى
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍوَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ .
( سورة نوح ) .
فلذلك قال تعالى :
﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ .
( سورة الأنفال الآية : 33 ) .
مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعذب أمة محمد عليه الصلاة والسلام وسنة النبي بعد وفاته قائمة في حياته .
﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ ، أي سنتك مطبقة في حياتهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في أفراحهم ، في أتراحهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في كل شؤون حياتهم .
الآن :
﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ .
( سورة الأنفال ) .
أنت في بحبوحتين ، بحبوحة الاستغفار ، وبحبوحة تطبيق منهج رسول الله ، إذاً :
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْبِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ .
4 – الصلاة والذِّكر :
الآن :
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾ .
( سورة طه الآية : 132 ) .
استنبط العلماء من هذه الآية أن البيت الذي فيه صلوات تؤدى ، وأن المحل التجاري الذي يؤدي أفراده الصلوات الخمس ، والذي يقام فيه منهج الله ، الصلاة والذكر أحد أسباب جلب الرزق .
﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾ .
﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ .
( سورة طه ) .
التقتير الإلهي تقتير تأديب لا تقتير عجزٍ :
أيها الإخوة ، لابد أن أوضح حقيقة خطيرة جداً : أن أيّ تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز ، إن أي تقنين إلهي إنْ كان في الأمطار ، إن كان في الأرزاق ، إن كان في المحاصيل ، إن كان في النبات أي تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز ، لقول الله جل جلاله :
﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ .
( سورة الحجر ) .
إذاً : أي تقنين تقنينُ تأديب لا تقنين عجز ، أما حينما يقنن الإنسان ففي الأعم الأغلب يقنن تقنين عجز ، أما إلهنا جل جلاله إذا قنن تقنينه تقنين تأديب .
الغنى والفقر بحكمة الله
لكن أحياناً لحكمة بالغة ، لأن الله يعلم ما يكون ، وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، وقد قيل : علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، لأن الله وحده يعلم ما الذي سيكون لو كنت غنياً ، وما الذي سيكون إن كنت فقيراً ، فلذلك هناك حكمة بالغةٌ من أن هذا الإنسان أراد الله له دخلاً محدوداً ، وهذا إنسان أراد له دخلاً غير محدود ، لأن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ، فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه ، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه .
إذاً : لأن الله يعلم ما سيكون فقد يختار لكل واحد منا رزقاً يعينه على أن يصل إلى دار السلام بسلام ، لذلك في بعض الأحاديث :
(( فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ )) .
[ أخرجه البخاري ومسلم عن عليّ رضي اللّه عنه ] .
هو خُلق للجنة ، فإن كان الدخل المحدود يمكن أن يكون سبباً أقوى في بلوغ الجنة يجعل الله هذا الإنسان ذا دخل محدود .
هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا ...
أما إذا كان الدخل غير المحدود سبب للتفلت والانغماس بالملذات ، ثم المعاصي والآثام يأتي هذا الحديث الذي أسميه قاصمة الظهر ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ، أَوْ الدَّجَّالَ ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) .
[ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ] .
عدّ النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً من المصائب .
((هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ، أَوْ الدَّجَّالَ ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) .
[ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ] .
إذاً : لأن الله علم ما كان ، وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون يختار لعبده نوعاً من الرزق ، فالمؤمن الصادق يرضى عن الله .
إن إنسانا كان يطوف حول الكعبة وهو يقول : " يا رب ، هل أنت راضٍ عني ، ورآه الإمام الشافعي قال : يا هذا ، هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال : سبحان الله ! من أنت ؟ قال : أنا محمد بن إدريس ، قال : كيف أرضى عن الله وأنا أتمنى رضاه ؟ فقال له : إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله " .
فالمؤمن الصادق يرضى عن الله ، ولو كان ذا دخل محدود .
عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )) .
[ مسلم ]
إذاً : يجب أن تعلم علم اليقين أنك تدعو الله فيجب أن تستقيم ، وتؤمن ، وتتقي ، لكن أحياناً هناك حكمة بالغةٌ بالغة من الدخل الذي قدره الله لك .
إخوتنا الكرام ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا ، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ )) .
[ مسلم ]
لذلك : عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا )) .
[الترمذي]
سأل ملِكٌ وزيره : مَن الملك ؟ قال له : أنت ، قال : " لا ، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا ، له بيت يؤويه ، وزوجة ترضيه ، ورزق يكفيه ، إنه عن إن عرفنا جهد في استرضائنا ، وإن عرفناه جهدنا في إحراجه " .
لذلك قد يكون الكفاف وضعاً مثالياً للمؤمن ، الكفاف لا يعني أنك فقير ، ولا يعني أنك مترف ، لذلك قالوا : خذ من الدنيا ما شئت ، وخذ بقدرها هَمًّا ، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر .
لذلك أسباب الرزق أحياناً صلة الرحم ، أسباب الرزق أداء الصلوات ، أسباب الرزق الإيمان والاستقامة على أمر الله ، أسباب الرزق الإيمان والتقوى ، أسباب الرزق الاستغفار ، هذه كلها أسباب للرزق ، لكن أريد أن آبين لكم حقيقة :
لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها :
هناك منطقة مشهورة بالتفاح ، لو دخلنا إلى البستان الرابع من بداية هذه المنطقة ، وتجولنا فيه ، ورأينا الشجرة الثامنة ، والغصن الثالث ، والتفاحة العاشرة ، هذه التفاحة لك ، من وقت أن خلقها الله هي لك ، وهذا معنى الرزق المقسوم ، أما وصولها إليك فباختيارك ، هذه التفاحة لك ، يمكن أن تصل إليك هدية ، يمكن أن تصل إليك ضيافة ، يمكن أن تصل إليك صدقة ، يمكن أن تصل إليك تسولاً ، يمكن أن تصل إليك سرقة ، يمكن أن تصل إليك شراءً ، الشراء طريقة ، والسرقة طريقة ، والتسول طريقة ، والصدقة طريقة ، لذلك هي لك ، ولكن طريقة وصولها إليك باختيارك ، من هنا ورد في الحديث الشريف :
(( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلهاوتستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، واستجملوا مهنكم )) .
[ أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة ] .
اختر حرفة شريفة ، لأن الرزق هو هو ، وما عند الله ما ينال بمعصية الله .
(( من حاول أمرا بمعصية الله كان أبعد له مما رجا ، وأقرب مما يتقي )) .
[ رواه أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه ] .
فلذلك أيها الإخوة ، هذه مبادئ متعلقة الرزق ، الاستقامة ، العمل الصالح الإيمان ، التقوى ، الاستغفار ، صلة الرحم ، إقامة الصلوات ، هذه أسباب الرزق ، والرزق مقسوم بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يسوق لك الرزق المناسب ، فليس في الإمكان أبدع مما كان ، والقاعدة اللطيفة في حكم ابن عطاء الله السكندري : " ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء " ، والمؤمن راضٍ عن الله يقول : يا رب ، احفظني وارزقني ، ارزقني طيباً واستعملني صالحاً .
Sent from my iPad
No comments:
Post a Comment