Monday, November 14, 2011

خيال علمي في السياسة - صالح الخريبي


الأمريكيون مرعوبون هذه الأيام. إنهم يعيشون على أعصابهم، وحكومتهم تغذي هذا الخوف وتضخمه حتى حولته إلى هاجس. والذين يعيشون هاجس الخوف يعيشون على هامش الحياة لا في صلبها، ولا يستمتعون بحياتهم، لأن الخوف يسرق منهم كل إحساس آخر، ويشل القدرة على التفكير المنطقي السليم. ولو سألت أي أمريكي: «أيهما أفضل: فترة الحرب الباردة التي كانت الصواريخ السوفييتية فيها تهددك باليوم الآخر، وبإعادة الولايات المتحدة إلى العصر الحجري، أم هذه الفترة؟» لأجابك من دون تردد: «إن فترة الحرب الباردة أفضل وأكثر أمناً، فاحتمال المواجهة النووية فيها كان ضئيلاً جداً ولا يكاد يذكر، وكنا نمارس حياتنا بشكل عادي، أما الآن فالواحد منا ينتظر الموت في أية لحظة، وكذلك جنودنا في الخارج، بل حتى الأمريكي العادي الذي يذهب في رحلة سياحية إلى خارج بلده».

والذين يعيشون هاجس الخوف تتعطل لديهم ملكة التفكير المنطقي ولا يرون إلا الخوف، ويستبعدون كل ما من شأنه إدخال الطمأنينة إلى قلوبهم، ويصدقون كل ما يقال إذا كان هدفه تغذية مخاوفهم.

وعلى غرار قصص الخيال العلمي، يقول المسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن «الإرهابيين» يسعون إلى وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض، والتكنولوجيا الخاصة بهذه العملية سهلة جداً، وهي متوافرة حتى للذين يمتلكون إمكانات محدودة، إذ يستطيع أي صاروخ حملها ووضعها في المدار، ولكن تفجيرها في الفضاء سيشل الآلية الدفاعية الأمريكية ويلحق ضرراً غير قابل للإصلاح، كما سيطلق سحابة من المواد المشعة على غرار السحابة التي أطلقها «تشرنوبيل» ولكن أكثر خطراً بكثير، إذ إنها ستحدث خللاً دائماً في الأقمار الاصطناعية التي يستخدمها الأمريكيون في اتصالاتهم وفي عملياتهم العسكرية، كما ستحدث خللاً في شبكات الاتصال الهاتفية.

يقول الخبراء في وزارة الدفاع إن الوزارة غير مهيأة لمواجهة وضع من هذا النوع، فنظام الصواريخ المضادة أثبت أنه غير فاعل، واعتراض قنبلة نووية في مدار حول الأرض فوق الولايات المتحدة يعطي مفعولاً مماثلاً لتفجيرها، وفي هذه الحالة سيحدث السيناريو الذي ذكرناه.

ويصف العسكريون الأمريكيون هذا السيناريو بأنه «بيرل هاربر فضائية»، أما روبين ماكواري المحلل في إدارة الأمن القومي فإنه يقول: «إن وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض سيحبط كل مساعينا لحماية بلادنا».

ولا أحد في العالم يفكر في وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض، ولا أحد يريد تدمير أمريكا، وهذه الفكرة قد تصلح سيناريو لفيلم سينمائي تنتجه هوليوود التي أنتجت في الماضي فيلماً يتمكن فيه شخص أعطاه كاتب قصة الفيلم اسم «اسماعيل العربي» من تهريب قنبلة نووية من المكسيك على ظهر حمار إلى داخل أمريكا، ويضعها في شقة في واشنطن بالقرب من البيت الأبيض، ويعطي إنذاراً للرئيس الأمريكي بأنه سيفجر القنبلة ويدمر واشنطن كلها ما لم تغير أمريكا سياستها المنحازة كلياً ل «إسرائيل»، في الشرق الأوسط.

ويبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية بدأت تستعين بكتاب الخيال العلمي في وضع سياستها، إذ أن فكرة وضع قنبلة نووية في مدار حول الأرض لا تخطر إلا لكتّاب قصص هذا النوع من الأفلام.


Sent from my iPad 2 -  Ť€©ћ№©¶@τ

No comments:

Post a Comment