هيومان رايتس ووتش، أو «مراقبة حقوق الإنسان» ومقرها نيويورك، تحشر أنفها في كل مكان في العالم، وخصوصا في العالم الذي كان يدعى ثالثا، وفي روسيا والدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفييتي المنهار، ونادرا ما تتعرض للولايات المتحدة وأوروبا، إلا إذا كان الأمر يتعلق باستنكار تطور حدث خارجهما وترك ردود فعل فيهما.
ولو أعلنت هذه المنظمة، مثلاً، أن عدد ضحايا الهولوكوست التي جرت في العهد النازي هو 5، 5 مليون شخص لانتهى المسؤولون فيها إلى السجون، لأن الولايات المتحدة وأوروبا وكندا فرضت على مواطنيها بقوة القانون، أن عدد الضحايا هو ستة ملايين لا يجوز أن ينقصوا فردا واحدا، وكل من يشكك بهذا الرقم ينتهي إلى السجن، وقد حكمت بريطانيا على المؤرخ دايفيد ايرفينج بالسجن ثلاث سنوات بتهمة «تبرير الجرائم النازية والتقليل من شأنها وإنكار الهولوكوست»، لأن البحوث التي أجراها كشفت أن رقم الملايين الستة مبالغ به، كما طاردت أمريكا وكندا وألمانيا إيرنست زندل وزجته في السجون للسبب ذاته، وهو الآن محشور في زنزانة في أحد السجون الألمانية.
ويعترف الصحافيون في الولايات المتحدة وأوروبا بأنهم لا يستطيعون توجيه أي لوم لـ «إسرائيل»، ولو من زاوية خفية، لأن صحفهم ترفض النشر.
وفي الدنمارك حكمت المحكمة على ستة أشخاص بالسجن ستة أشهر بتهمة دعم وتأييد منظمات إرهابية لأنهم ضبطوا يبيعون قمصانا تحمل أسماء منظمات تعتبرها دول الاتحاد الأوروبي إرهابية، ولائحة المنظمات التي تصنفها الدول الغربية إرهابية لا تزال محدودة، ولكنها قابلة للاتساع.
ولو كتب أي مواطن في دول العالم الثالث عبارة على رصيف الشارع لما لفتت نظر السلطات، أما في بريطانيا فقد اعتقلت الشرطة شاباً في الثالثة والعشرين من العمر يدعى بول سافيل ووجهت إليه تهمة التحريض وإتلاف ممتلكات عامة لمجرد أنه كتب على رصيف الشارع عبارة يقول فيها: «الحرية هي أن يكون لك الحق في أن تسأل هل نحن أحرار؟».
وربما كان المواطنون في الولايات المتحدة وأوروبا يعيشون في مناخ من الحرية في السنوات القليلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أما الآن، فإن «الأخ الأكبر» في قصة جورج أورويل 1984 يراقب كل شيء، والسجون السرية التي تستقبل معتقلين لم توجه لهم تهم حتى الآن، انتشرت في كل مكان تحت سمع هيومان رايتس ووتش وبصرها.
Sent from my iPad 2 - Ť€©ћ№©¶@τ
No comments:
Post a Comment