تعجبني «العدالة الأمريكية»، بل إنها تدوخني، وأنا أبحث عنها بين السطور وتحت الكلمات في الصحف، فإذا ما عثرت على نموذج منها، ألقيت القبض عليه، ورحت أقلبه على سائر الوجوه وأنا أحاول أن استخلص منه العبر التي هي كما يقولون، لمن اعتبر.
وأفضل العبر التي نخرج بها من عدالة «العم سام» هي تلك التي نستخلصها من جوائز ستيلا السنوية التي تمنح للمفترين الذين يتمكنون من الحصول على حكم قضائي بتعويض كبير، بالبلطجة.
وجوائز ستيلا تنسب إلى عجوز في الحادية والثمانين من العمر، كانت تتناول مرطبات في محل للوجبات السريعة، فسكبت المرطبات على ملابسها، فرفعت دعوى ضد المحل بتهمة التسبب في التلويث، فحكمت لها المحكمة بتعويض مالي كبير، ربما لأن القضاة في أمريكا يعتقدون أن المرطبات التي يشربها الناس في الأماكن العامة يجب أن تكون من النوع الذي لا ينسكب على الملابس. وكان هذا الحادث فاتحة لإنشاء جائزة سنوية لأغرب الأحكام التي تصدرها المحاكم الأمريكية.
ومن بين الذين فازوا بجوائز ستيلا ميرف جرازينسكي الذي تعرض منزله المتنقل لحادث، وكان ميرف وهو من ولاية أوكلاهوما الأمريكية قد اشترى منزلا متنقلا، وذهب بمنزله المتنقل لحضور مباراة في كرة القدم، وأثناء العودة من المباراة، كان يسير بسرعة 110 كيلومترات في الساعة، وخطر له تناول فنجان من القهوة، فترك عجلة القيادة، بينما السيارة تسير مسرعة، وانتقل إلى مطبخ المنزل لإعداد القهوة، فانحرفت السيارة عن مسارها وانقلبت، وخرج ميرف سليما من الحادث، ولكنه رفع دعوى ضد الشركة المنتجة للمنزل المتنقل، بحجة أنها لم تذكر في كتاب التعليمات الخاص بالمنزل أنه لا يجوز للسائق أن يترك عجلة القيادة أثناء السير، وقد كسب الرجل الدعوى وحصل على تعويض مالي بمبلغ مليون و750 ألف دولار، كما ألزمت الشركة المنتجة بتزويده بمنزل متنقل جديد، بدل المنزل الذي تعرض للحادث، وبعد هذه الدعوى اضطرت الشركة إلى تضمين كتاب التعليمات فقرة تقول: إنه لا يجوز للسائق أن يترك عجلة القيادة أثناء السير.
ومن الذين فازوا بهذه الجائزة أمبر كارسون، وهي فتاة مراهقة داست على مرطبات مسكوبة على الأرض في أحد المطاعم، فزلت قدمها وسقطت، وأصيبت بكسر في العظم، فرفعت دعوى ضد المطعم، وحصلت على تعويض يعادل 113 ألف دولار، ولم يأخذ القاضي بعين الاعتبار أن الفتاة نفسها هي التي سكبت المرطبات التي داست عليها قبل دقيقة واحدة، عندما تشاجرت مع صديقها وضربته بزجاجة المرطبات.
واللصوص لهم «خاطر» في نظر العدالة الأمريكية، ومن اللصوص الذين فازوا بجوائز ستيلا لص اقتحم منزلا أثناء غياب أصحابه بقصد السرقة، وأثناء خروجه من المنزل عن طريق باب الكراج اكتشف أن القفل الكهربائي للكراج لا يعمل، وحاول العودة للخروج من نافذة المنزل التي دخل منها، ولكنه اكتشف أن الباب الذي يصل بين المنزل والكراج أغلق أوتوماتيكيا أثناء مروره عبره، ولذلك بقي محتجزا داخل الكراج لمدة ثمانية أيام، إلى حين عودة أصحاب المنزل من إجازتهم، كان خلالها يتغذى على معلبات من طعام الكلاب وجدها في ثلاجة الكراج. وقد حكم له القاضي بتعويض مالي يعادل نصف مليون دولار مقابل المعاناة التي عاشها.
ألم نقل لكم أن في العدالة الأمريكية عبراً، لمن يعتبر؟
Sent from my iPad 2 - Ť€©ћ№©¶@τ
No comments:
Post a Comment