صورة العربي في السينما الأمريكية نمطية سلبية: شخص يمتلك الكثير من المال ينفقه على ملذاته الشخصية، ولا يرى أبعد من أنفه، ولا يهمه من شؤون الدنيا إلا متعها، أو هو شخص يعادي الحضارة ويحاول تدميرها، وبعد أحداث سبتمبر أصبحت هذه الصورة الثانية، أي صورة العربي كإرهابي معاد للحضارة أكثر بروزا وأنتج عنها الكثير من الأفلام التي ساهمت في تأليب الرأي العام الأمريكي على الأمريكيين من أصل عربي، فتعرض الكثير منهم للاضطهاد، وبات كل واحد منهم موضع شك أو إدانة، حتى لو ثبتت براءته.
وفي فيلم «واجب وطني»، من إخراج جيف رينفرو تتغير الصورة، ولا يظهر العربي كإرهابي وإنما ضحية لإرهاب التمييز العنصري الأمريكي ضده. صحيح أن الفيلم لا يبرئ العرب تماما من الإرهاب، ويترك القضية معلقة، ولكنه يكشف بصدق الجانب الآخر من الصورة، جانب المعاناة التي يعيشها العرب الأمريكيون بسبب الحملة التي شنتها أجهزة الإعلام ضدهم، وصورت كل واحد منهم وكأنه يحاول دس قنبلة نووية تحت سرير كل مواطن أمريكي، وفي هذا الجانب بالذات يقدم الفيلم رؤية متعاطفة مع العرب.
ويؤدي دور «العربي الأمريكي» في الفيلم الممثل العربي خالد أبو النجا، بينما يؤدي تيري ألن دور محاسب في إحدى الشركات فقد وظيفته بسبب سياسة تخفيض الإنفاق التي اتبعتها العديد من الشركات الأمريكية بعد أحداث سبتمبر، وبعد تركه العمل يتجه إلى قضاء معظم وقته في مشاهدة قصص الرعب على الشبكات الخاصة على الانترنيت، وتتنامى لديه عقدة الاضطهاد، وتمتد العقدة إلى جيرانه، فتساوره الشكوك حول جار جديد له يبدو أنه من أصل عربي، ويحاول أن يقنع زوجته وضابطاً في مكتب التحقيقات الفيدرالية بأن هذا الجار مثير للشك، ولكنه لا ينجح، ولذلك يتولى الأمر بنفسه. وتمضي أحداث الفيلم لتطرح تساؤلات عدة حول الحريات المدنية والتمييز العنصري والنظرة النمطية إلى الآخرين، وينتهي الفيلم من دون أن يعرف المشاهد هل الشكوك التي كانت تساور تيري ألن لها ما يبررها أم لا؟ وعندما سئل منتج الفيلم ومخرجه عن السبب في ذلك قالا إنهما لا يريدان التعرض لأمور سياسية حساسة.
وقصة الفيلم من صميم الواقع، إذ أن ذوي الملامح الشرق أوسطية أصبحوا موضع شبهة حتى لو كانوا بريئين من كل الشبهات، ويذكر إدوار حنانيا، وهو صحافي أمريكي من أصل لبناني أنه يتعرض لتفتيش دقيق في كل مطار ينزل فيه أو يسافر منه لمجرد أن ملامحه شرق أوسطية، وأحيانا يقول ضباط المطار له أثناء تفتيشه: «إنك تشبه الإرهابيين»، وقبل مدة نشر حنانيا كتابا شرح فيه معاناته بعنوان: «أنا سعيد لأنني أشبه الإرهابيين».
ويذكر مواطن أمريكي من أصل عربي عاش ما يزيد على 20 سنة في أمريكا أنه كان يمر أمام منزل مع اثنين من أصدقائه من أصل عربي أيضا، وكانت صاحبة المنزل تقف على النافذة، وعندما شاهدتهم فعلت ما فعله تيري ألن في فيلم «واجب وطني»، فقد اتصلت بالشرطة وقدمت بلاغا بوجود ثلاثة أشخاص مشتبه بهم في المنطقة، وعلى الفور حضرت الشرطة واعتقلتهم، وأمضى الثلاثة فترة طويلة في السجن، ثم أطلق سراحهم لثبوت براءتهم، ولكن بعد أن صدر قرار بترحيلهم من الولايات المتحدة.
ومع ذلك يظل فيلم «واجب وطني» من نوع مختلف، لأنه يناقش بجرأة قضايا في المجتمع الأمريكي يخشى الكثيرون الاقتراب منها.
Sent from my iPad 2 - Ť€©ћ№©¶@τ
No comments:
Post a Comment