Tuesday, November 15, 2011

فضاء نظيف - صالح الخريبي


نتحدث عن التلوث على الأرض وضرورة تنظيف البيئة والمحافظة عليها وننسى البيئة الفضائية. فالفضاء أصبح ملوثا ببقايا المركبات والأقمار الاصطناعية التي أطلقها الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة في الماضي، والدول الغربية بشكل عام، وتوقفت عن العمل، أو تفجرت، أو جرى تدميرها بعد ذلك، فقد تحولت هذه المركبات والأقمار إلى قطع صغيرة اتخذت مدارا حول الأرض، وستظل تسبح في الفضاء إلى ما لا نهاية، مشكلة خطرا حقيقيا على المركبات والأقمار الاصطناعية العاملة التي تملأ الفضاء هي أيضا وتحمل أسرارنا إلى «إسرائيل» والولايات المتحدة، وتنقل إلينا نحن تثني روبي ودلع هيفا.

ويقول العلماء: «إن الفضاء من فوقنا يحوي ما يزيد على 50 مليون شظية عشرات الآلاف منها يزيد حجم الواحدة على عشرة سنتيمترات، وهذه الشظايا تسبح في الفضاء بسرعة مذهلة، وإذا اصطدمت شظية صغيرة منها، حتى لو كان قطرها لا يزيد على سنتيمتر واحد، بجدار من الأسمنت تزيد سماكته على 16 مترا فإنها تخترقه، وإذا اصطدمت بمركبة فضائية، فإنها تخترقها وتخرج من الجانب الآخر، وإذا اصطدمت بلوحة شمسية في المركبة فإنها ستحطمها وتتلفها، وإذا أصابت رائد فضاء خرج من مركبته ليؤدي مهمة ما، فإنها ستقتله على الفور».

وتقول الولايات المتحدة: إن هذه الشظايا تخضع لرقابة رادارية على مدار الساعة، ولذلك فإنه لا خوف منها، بدليل أنها عندما أطلقت المكوك الفضائي «انديفور» اضطرت إلى تغيير مساره بعد دقائق من الانطلاق لتفادي اصطدامه بقمر اصطناعي تائه ومهجور أطلقه سلاح الجو الأمريكي عام 1994 وتعطل عن العمل، وظل يدور في الفضاء مع غيره من النفايات، ولكن الدول الصناعية الكبرى لا تشعر بالاطمئنان، وترغب في تعيين «شرطي فضائي دولي» لمراقبة الفضاء ومنع تلويث بيئته، وتحديد المسؤولية في حالة حدوث أضرار تسببها المركبات، وتقول اليابان مثلا: لو افترضنا أن مركبة أمريكية اصطدمت بقمر اصطناعي أطلقته الصين، فمن يتحمل المسؤولية القانونية عن تحطم القمر والأضرار التي تقع بالمركبة؟ ولو أصيبت مركبة روسية بالعمى بعد أشهر من إطلاقها، وفقد العلماء السيطرة عليها لسبب أو لآخر، واصطدمت بمحطة الأبحاث الفضائية الدولية وأحدثت خللا فيها، أو دمرتها بالكامل، فهل تتحمل روسيا مسؤولية ذلك، باعتبار أن المركبة تابعة لها؟ وتسعى هذه الدول إلى إشراك الأمم المتحدة في هذا التشريع، وهي تشكو من عدم احترام البعض للمبادئ الأساسية الخاصة بمنع التلوث الفضائي، كما تسعى هذه الدول إلى إقرار مشروع جديد يستند إلى ثلاثة مبادئ:

أولها: منع ما تطلق عليه «التلوث المقصود مع سبق الإصرار» من خلال تفجير المركبات التي تنتهي مهمتها، ويستهدف هذا المبدأ روسيا، التي تفضل تفجير مركباتها على وقوعها في أيدي الدول الفضائية الأخرى المنافسة، ومن بينها الولايات المتحدة.

وثانيها: إفراغ بطاريات المركبات وخزاناتها من الوقود، للحيلولة دون انفجارها في الجو.

وثالثها: منع مركبة في نهاية عمرها (ومهمتها) من البقاء أكثر من 25 سنة في مدارها كي لا تزعج المركبات الأخرى التي تعمل.

وأمريكا والدول الصناعية الكبرى لوثت الأرض، فلا أقل من أن تترك الفضاء لنا نظيفا خاليا من التلوث.


Sent from my iPad 2 -  Ť€©ћ№©¶@τ

No comments:

Post a Comment