Monday, November 14, 2011

جحيم من القبل - صالح الخريبي


الأخطل الصغير (ولا أدري كيف يكون «أخطل» وصغيرا) يقول: «وحرقنا نفوسنا/في جحيم من القبل». وفي عام 1964 حاول برازيلي شاب أن يودع صديقته بقبلة سريعة، فتشابكت دعائم أسنانهما وعطل المرور ساعات، فاعتبرتها موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية أطول قبلة في التاريخ. وأطول قبلة سينمائية كانت لريجيس تومي وجين وايمان، زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الأولى، في فيلم «أنت في الجيش» الذي أنتج عام 1941 فقد استمرت أربع دقائق من دون انقطاع، مما يبرر التساؤل عن سعة رئتي هذين الممثلين.

القبلة رمز الحب، ودليل المودة، وكان الفراعنة القدامى يرسمونها على جدران معابدهم، وكانت كليوباترا تكافئ جنودها الشجعان بتقبيلهم، ولعل الشعب العربي هو أكثر الشعوب غراما بالتقبيل، فنحن نقبّل في كل مناسبة، في الأفراح والأحزان، وفي المسرات والكوارث، لكي نشعر الآخرين بأننا نتعاطف معهم، ونصف مسلسلاتنا وأفلامنا تبادل قُبل، حتى أننا نكاد نغرق بالفعل في جحيم من القبل.

والقبلة على ما يبدو اختراع روماني، فقد كان الشاب في روما القديمة يقرب فمه من فم خطيبته من دون ملامسة الشفاه، لاكتشاف رائحة فمها، فإذا ما ارتاح للرائحة يخطبها، وإلا فإن «كل واحد ببيت أهله»، ثم تطورت بعد ذلك، ولكن تطورها لم يكن باعتبارها رمزاً للرومانسية، وإنما لأنها تنقل نوعاً من الجراثيم من الرجل إلى المرأة تساعدها في تعزيز جهاز مناعتها.

و«القبلة العميقة» ارتبطت بالفرنسيين، وهذه القبلة هي الأكثر حرقا للسعرات الحرارية، فهي تحرق ما يعادل 239 سعراً حرارياً، وبالتالي فإنها تفيد في تخفيض الوزن، وهذا هو السبب الذي يجعل الفرنسيين الأكثر رشاقة بين سائر الشعوب الأوروبية.

والقبلة وسيلة سريعة لنقل العدوى الجرثومية من شخص لآخر، ولكن العلماء اكتشفوا لها فائدة لم تكن في الحسبان، فقد نشرت مجلة «فرضيات طبية» البريطانية مقالاً للدكتور كولين هندري، من جامعة ليدز، جاء فيه أن القبلة «تعزز جهاز المناعة لدى المرأة، وتساعدها على إنجاب أطفال أصحاء، إذا جرت قبل فترة الحمل، ولكنها تفعل العكس إذا جرت أثناء الحمل، إذ أنها قد تؤدي إلى موت الجنين، أو تسبب له عيوبا خلقية». ويبرر الدكتور كولين ذلك بالقول: «إن في اللعاب جرثومة تدعى «السيتوميجالوفيروس» لا تسبب أية مشكلات عادة، ولكنها قد تصبح مصدر خطر إذا انتقلت للمرأة أثناء فترة الحمل». ويقول الدكتور كولين: «في القبلة الأولى تنتقل كمية بسيطة من هذه الجرثومة إلى المرأة، فتحصنها، ومع الزمن تتطور العلاقة وتصبح أكثر شغفا، فتزداد مناعتها، وتنخفض احتمالات إصابة جنينها إلى حد كبير جدا، وأثناء فترة الحمل تنعكس العملية، ويصبح الجنين أكثر عرضة للإصابة بأضرار». ويضيف: «إن التقبيل يجب أن يكون للشخص نفسه لمدة لا تقل عن ستة أشهر، لتتعزز المناعة، خصوصا إذا كانت المرأة أقصر قامة من الرجل».

ولا ندري مدى صحة هذا الكلام الذي يقول الدكتور هندري إنه نتيجة تجارب علمية طويلة.


Sent from my iPad 2 -  Ť€©ћ№©¶@τ

No comments:

Post a Comment