ما رأيكم بجولة في «الحياة الافتراضية» أو «الحياة الثانية»؟.
والحياة الثانية ليست عالماً موجوداً، وإنما عالم افتراضي ثلاثي الأبعاد على الانترنت تستطيع أن تزوره وتعيش فيه ما طاب لك، وتعود منه بخير وسلامة لتتحدث عما شاهدت بعينيك، وسمعت بأذنيك.
والحياة الثانية، أو الحياة الافتراضية، تشبه عالمنا، أسواق ودكاكين وأناس يروحون ويجيئون ويبيعون ويشترون، وحركة في كل مكان، بل إن معظم الشركات الكبرى وشركات الأغذية السريعة لها فروع فيها. وفي الحياة الثانية تستطيع أن تستأجر سيارة وتتجول بها، وتدخل مطعماً فخماً وتتناول الغداء، وتستأجر غرفة في فندق، وتزور نادياً ليلياً، وإذا تهت عن الطريق تستطيع أن تستوقف أحد المارة وتسأله، وهو يرشدك.
وعدد سكان هذا العالم الذي أطلقه فيليب ليندن من مختبره في مدينة سان فرانسيسكو حوالي 3.1 مليون نسمة، والحركة السياحية فيه منتعشة، حيث يزوره سنوياً ما يزيد على 7 ملايين من السياح لا يدخلونه بشخصياتهم الحقيقية، وإنما بشخصيات افتراضية، ولكنهم يتعاملون مع بعضهم بعضاً كما نتعامل نحن في حياتنا الواقعية، بالصوت والكلام، مع فارق أنهم يطلقون على السائح «أفاتار»، وهي كلمة هندية تعني التجسد، وإذا كان الهنود يؤمنون بالتجسد في حياتنا الدنيا فإنني أستغرب أن يكون هنالك تجسد في الحياة الافتراضية. وكما في الحياة الدنيا تبدأ حياتك بتعلم المشي والحركة، فإنك في العالم الافتراضي تبدأ بتعلم المشي والحركة أيضاً، وعندما تجتاز هذه المرحلة يصبح في إمكانك الانتقال من مكان إلى آخر بحرية، بل إنك تستطيع تعلم الطيران والسباحة في الهواء والتنقل في الجو فوق السهول والجبال والوهاد كما تفعل الطيور.
وفي العالم الافتراضي فروع لما يزيد على 70 جامعة عالمية معروفة، ويستعد المركز الثقافي البريطاني لافتتاح فروع في ثلاث جزر لتعليم اللغة الانجليزية، وخلال حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية افتتحت هيلاري كلينتون فرعا لحملتها الانتخابية فيه، وإذا كنا نتحدث في عالمنا عن الإرهاب ونقول إن الولايات المتحدة أشعلت فتيله في العالم ولم تتمكن من إطفائه بعد ذلك. فإن سكان العالم الافتراضي يتحدثون عن الإرهاب أيضاً، وبعضهم نفذ عمليات إرهابية باستخدام قنابل نووية، وهنالك مجموعة تطلق على نفسها اسم «جيش تحرير الحياة الثانية» أعلنت أن هدفها هو تصدير الديمقراطية إلى العالم الافتراضي والإطاحة بالحكومة الفاشية التي تدير الموقع، واستبدالها بحكومة ديمقراطية.
وكل الانحرافات الموجودة في عالمنا موجودة أيضاً في العالم الافتراضي، فقد ضبطت الشرطة مثلاً رجلاً يبيع بضائع مسروقة، كما حققت في جريمة اغتصاب، أما الذين يتعاطون المخدرات فحدث عنهم ولا حرج.
والعالم الافتراضي يحظى باعتراف عالمي، فقد افتتحت السويد سفارة فيه لتقديم الخدمات لمواطنيها، وكذلك جزر المالديف، وأقامت الـ «بي بي سي» مهرجاناً موسيقياً فيه حضره 200 ألف شخص، وعندما بثت القناة الثانية برنامجها «عالم المال» بثته في الوقت نفسه من دار سينما ريفرز على موقع الحياة الثانية، ولقناة «سكاي» التلفزيونية التي يملكها مردوخ جزيرة خاصة في الموقع بنت فيها استوديوهات تشبه تماماً الاستوديوهات الموجودة في الحياة الواقعية.
No comments:
Post a Comment